حوارات مع السيد الناطق الرسمي لحركة العدل والمساواة السودانية
هذه حربٌ مختلفة عن سابقاتها؟
(الكفاح المسلح) طوال نضالها ضد النظام السابق، كانت تقاتل وفق قواعد الاشتباك والاحترام للقانون الدولي والإنساني، أما هذه الحرب التي نعانيها الآن، يقودها التمرد ضد الدولة بلا ضوابط أو مراعاةٍ لأي قيمٍ، فهي حربٌ موجهةٌ ضد الإنسان السوداني، والوطن ومقدراته، لا تحمل مشروعًا سياسيًا أو هدف، ويقيني أنّ المتسبب فيها الدوائر الإقليمية والدولية، وأنّ قيادة الدعم السريع لو حاولت أن تختار سبيلًا غير الحرب لتمت تصفيتها من الخارج، وأستشهدُ بجون قرنق الذي دعمته الإمبريالية العالمية، وعقب توقيع اتفاق سلام “نيفاشا”، أراد أن يتخلى عن مشروع فصل جنوب السودان ليحكم السودان كله، هذا الأمر تعارض مع مخططات الدوائر الإمبريالية والغربية، وتخلصوا منه، وإذا كان آل دقلو حاولوا كذلك طريقًا غير الحرب لكان تم التخلص منهم بسيناريو أو بآخر، وعمدت لاستبدالهم بآخرين يعملون على تنفيذ أجنداتهم في تفكيك الدولة وإضعاف جيشها الوطني.
عادة فقدتها مع الحرب؟
فقدنا كل ما هو جميل في السودان، من زياراتٍ واجتماعيات الأهل.
بعد عامٍ وأشهر من الحرب، ماذا أنت قائلٌ؟
لايزال الأملُ يحدونا بأن يعُم السلام السودان، وإني على يقينٍ من حدوث ذلك، فقط يقلقني ومهمومٌ كثيرًا بتداعيات الحرب وإفرازاتها على النسيج السوداني، وقد تسكت الحرب بالرصاص ولكن، قد تكون هناك حروبٌ أخرى بأسلحة الكراهية وعدم قبول الآخر، وهذا أكبر تحدٍ بعد الحرب.
ماذا خسرت في الحرب؟
كل ما تم خسارته ماديًا قابلٌ للتعويض، ولكن خسرنا الطمأنينة، وخسرنا الرحابة والطيبة بين السودانيين، وأخشى ألا نجدها بعد الحرب.
الثقة بين المواطن والقوى السياسية تكاد تكون انعدمت؟
هذا طبيعي جراء فشل النخب السياسية في إدارة شأن الدولة، وحياتنا السياسية تحتاج إلى تصحيحٍ، ونحتاج إلى التوافق على عِقدٍ اجتماعيٍ جديد، يؤطر الممارسة السياسية ويجعلنا نتفق على خطوطٍ حمراء مثل: وحدة البلاد، وعدم الخضوع للخارج، وإعلاء الحرية والقيمة الوطنية بالداخل.
بعد التغيير كما ذكرت، كان الاعتماد على المجتمع الدولي، هنالك اتهامات للمكونات السياسية بالعمالة؟
هي تهمةٌ قاسية، ولكن أخشى أنّها تحمل كثير من الصحة، والقوى السياسية لفترة الانتقال تعاملت مع اليمين السوداني بتشفي وانتقام، هذا أدى إلى صراعاتٍ بين قوًى وطنية راشدة حاولت تصحيح مسار الانتقال برفض الممارسات الشائهة على سبيل المثال لا الحصر، ما عرف بلجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو التي أصبحت بقدرة قادر ذراعًا باطشًا يمتلك السلطة القضائية والتنفيذية والتشريعية حتى، في سقوط مريع أيضًا حاولنا تصحيح الأوضاع داخل التحالف الحاكم (الحرية والتغيير) بتحريره من محاولات الاختطاف بواسطة قلةٌ من القوى المدنية تعارفنا على تسميتها (4 طويلة) حتى نصل لقرارٍ مؤسسيٍ داخل (الحرية والتغيير) لبرنامجٍ وطنيٍ، ولكن هذه المحاولات تم رفضها من قبل مجموعات الاختطاف، فأنتج ذلك الوضع التشظي وسط القوى المدنية لمجموعات منها “المركزي” و”الكتلة الديمقراطية” وأخرى.
(تقدم) بعد الحرب، هل بالإمكان أن نقول بإنّها انتهت سياسيًا؟
توقعت جراء مأساة حرب أبريل أن تقوم القوى السياسية بمراجعاتٍ حقيقيةٍ، وأنّ الموت والدمار الذي حاق بالبلاد يمكن أن يشكل صدمةً تنتشلُ قيادات المجلس المركزي من ممارساتهم السابقة في الإقصاء والاختطاف وعدم قبول الآخر، جاءت (تقدم) في محاولة للقفز على كل التعقيدات والتشوهات التي صاحبت المجلس المركزي دون معالجة حقيقةً، وكانت أكبر سقطاتها تحالفها مع الميليشيا التي قتلت الأبرياء وأعني هنا التوقيع الذي جرى بأديس في ٢ يناير مطلع هذا العام.
ما هي العبر والفوائد المستفادة من الحرب؟
الحرب كُلها شرٌ، وإن كانت من عِبرةٍ، فانّ الوطن غالٍ، وأن نعمل لأجل إعلاء قيم التسامح والقبول بالأخر، وأن ننتبه جيدًا للتحديات الأمنية وقضايا المهاجرين الذين فتحنا لهم أبواب الوطن دون رقابةٍ، وكذلك ألا تنساق المجموعات الشبابية والوطنية خلف دعوات التغيير المستجلبة من الخارج.