معركة الأخلاق: البوصلة السياسية وآفاق المجتمع لبناء مستقبل السودان* صدى الوطن…ادم أبكر عيسي
معركة الأخلاق: البوصلة السياسية وآفاق المجتمع لبناء مستقبل السودان* صدى الوطن...ادم أبكر عيسي

*معركة الأخلاق: البوصلة السياسية وآفاق المجتمع لبناء مستقبل السودان*
صدى الوطن…ادم أبكر عيسي
بينما يمضي السودان بخطوات درامية نحو استعادة كرامته، تظهر “معركة الأخلاق” وكأنها ساحة قتال رئيسية، حيث تتداخل فيها مصائر الدولة، والمؤسسات، والأفراد. هذه المعركة ليست مجرد جدال حول قيم متضاربة، بل هي في صميم فهمنا لـ “ضرورة فهم الأخلاق” من أجل بناء مجتمع متماسك يسوده الأمن والتعاون والمشاركة. إنما هي قتال يتحدى “القيم والمبادئ والأخلاق التي تصطدم بعادات وتقاليد المجتمع العريقة”.
فجوة مؤلمة، تتجلى في “غياب الحس الضميري والأخلاقي لدى الكثيرين من قامات مجتمعنا السياسي”. هذا الغياب، بجانب “تقصير التربية الأخلاقية والقيمية في كياناتنا السياسية”، أدى إلى “عدم تكافؤ الفرص للجميع”. والنتيجة المريرة هي “انحطاط قيمي وأخلاقي” يعم البلاد، وكل هذا بسبب “غياب التنشئة السليمة”.
في هذا الإطار، تصبح مقولة أرسطو حاسمة: “إن الأخلاق هي الطريق الوحيد لتحقيق السعادة والازدهار للمجتمع”. عندما تنحرف المؤسسات عن هذا الطريق، وتصبح “سياسات العلاقات القريبة” هي طريقة الوصول إلى “ثمار السلطة” وحتى في الحزب، الدولة، أو بين أصحاب المال، يكون قد تم خلق “فراغات كبيرة” في ترسيخ مفاهيم أساسية مثل “ثقافة قبول الآخر” و”حب الوطن”. بل إن الانتماء للأفكار يصبح بعيدًا عن الانتماء للذات.
وإذ نتحدث عن “تنامي الولاءات المعيارية” – تلك التي تنبني على المصالح الشخصية أو العلاقات الضيقة – فإنها تنمو وتكبر بشكل يومي. هذا التنامي لم يقتصر على وطننا فحسب، بل أدى إلى “ازدهار خطاب الكراهية والعنصرية” ورفض قبول الآخر. وللأسف، حتى وسائل الإعلام، التي يفترض بها أن تكون منارة للتنوير، أصبحت “تغرس قيمًا تُكرس لنفي الآخر”، وترفع من شأن جهة أو سلطة دون النظر إلى الكفاءة.
هنا، يمكن أن نتذكر ابن خلدون الذي كان له بصيرة في أن “قيام الدول وصلاح أحوالها متوقف على اجتماع الكلمة ووحدة الصف”، وأن “الفساد يبدأ بفساد الأخلاق”. إن رؤيته لـ “العصبية” كمحرك اجتماعي تشير إلى أن التحالفات المبنية على الولاءات المعيارية، وليس على القيم المشتركة، هي تحالفات هشة وقابلة للانهيار كبيت من ورق.
إن كل بناء غير شرعي في أي حلقة من حلقات الوطن يسبب “صداعًا” مستمرًا، ويعرقل تقدمه. “وتبقى الأخلاق ضرورية لبناء مجتمع متماسك يسوده الأمن والتعاون المتبادل”. إن فهم الأخلاق ليست مجرد مسألة نظرية، بل هي “ضرورة قصوى لمعركتنا، معركة الكرامة”.
إن إعادة ترسيخ القيم والمبادئ وتعزيز التربية الأخلاقية في كل المستويات، من الأسرة إلى المؤسسات السياسية والإعلامية، هو السبيل الوحيد لـ “تطهير البلاد من دنس الانحطاط القيمي”. كما تقول حكماء الأخلاق، فإن “فقدان البوصلة الأخلاقية يفقد المجتمع هويته وقدرته على الصمود”. إن استعادة زمام الأمور تبدأ من الداخل، من إعادة بناء الوعي الأخلاقي، وإعلاء قيمة الكفاءة فوق المحسوبية، وقبول الآخر كشريك في بناء وطن يسوده العدالة والمساواة.
https://www.facebook.com/share/p/15rbK9CvGD/



