آراء ومقالات

قراءة حول ممارسات حكومةً (قحت) وأثرها علي الدولة السودانية والأمن القومي

عبدالقادر ابوالبشر يكتب : وطن شامخ

وطن شامخ (1)

قراءة حول ممارسات حكومةً (قحت) وأثرها علي الدولة السودانية والأمن القومي .

بقلم/ عبدالقادر أبوالبشر

‎سأتناول الموضوع بموضوعية وتحليل شامل ولكن بعيدًا عن الانفعالات فمنذ اندلاع الثورة المصنوعة في ديسمبر 2018، كان الأمل يحدو الآلاف نحو التغيير الإيجابي ليحقق لهم ذلك الشعار المفخخ (حرية – سلام – وعدالة) والذي كان موجود أصلاً ، ولكن الحكومة الانتقالية التي قادتها (قحت) برزت فيها ممارسات أثارت تساؤلات واسعة حول سياساتها تجاه أجهزة الدولة الحساسة، والمؤسسات العدلية والدينية، وطريقة تعاطيها مع الخصوم السياسيين ،
وقبل سقوط الإنقاذ ، كانت هناك تقارير مؤكدة عن اجتماعات سرية عقدتها قوى المعارضة في عدة عواصم، منها كمبالا، أديس أبابا، وتشاد، ودويلة الشر إضافة إلى دول غربية أخري مثل بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من البلدان فضلاً عن الأقلام المأجورة من الصحفيين والإعلاميين والقنوات التلفزيونية والمؤسسات الإعلامية المغرضة الداعمة لدمار السودان وخلال هذه الاجتماعات، تم وضع عدد من السيناريوهات أبرزها سيناريو (الإتفاق الإطاري) بالإضافة إلي الشعارات الهتافية للثورة وأساليب تعبوية مثيرة للجدل، مثل شعار “معليش معليش ما عندنا جيش”، و”أي كوز ندوسو دوس”، ”وكلاب الأمن يا أولاد الحرام” جميعها شعارات وُصفت في حينها بأنها شعارات تُروج للكراهية وتسعى لتشويه مؤسسات الدولة، وعلى رأسها القوات المسلحة وجهاز الأمن والمخابرات .
هذه الشعارات، غلب عليها الطابع العدائي، لم تكن مجرد كلمات عابرة، بل أصبحت جزءًا من خطاب عام هدفه تفكيك هيبة الدولة ومؤسساتها الأمنية والدينية التي تعد جزءًا أساسيًا من استقرار الدولة .
وتزامنا مع اعتصام القيادة العامة، بدا المشهد يتحول من ثورة ذات مطالب مشروعة إلى فوضى عارمه ومنظمة. وتحول الاعتصام إلى منصة للتخوين والترهيب، حيث وُصم أي شخص معارض للرؤية الثورية بأنه “كوز”، وتم إقصاؤه من المشاركة في النقاش العام بل ويتم طرده كمان من ساحة الاعتصام
فمن الواضح أن الثورة، افتقرت إلى عقلاء ورؤية واضحة لكيفية إدارة مرحلة ما بعد الإنقاذ . حيث كان القفز في المجهول، دون برامج سياسية متفق عليها، مما أدي ذلك إلي انقسامات عميقة وممارسات أثرت على مستقبل الدولة ومؤسساتها .. كل هذه الممارسات وقحت لم تصل بعد إلي حكم البلاد .
وبعد وصول قحت إلي سدة الحكم اتخذت سياسات أثارت الغضب، أبرزها إنشاء لجنة إزالة التمكين، التي كانت أداة للتشفي ضد الخصوم وتصفية الحسابات السياسية تحت شعار ”إزالة التمكين ومحاربة الفساد”. واستهدفت هذه اللجنة مؤسسات سيادية وحكومية وأفرادًا وجماعات ، وصادرت ممتلكات دون مراعاة للإجراءات القانونية السليمة، بالإضافة إلي تلفيق التهم وتضخيم للحقائق وغيرها من الأساليب القمعية مما زاد من الانقسامات الاجتماعية والسياسية بالبلاد .
ولم تكتفي قحت بذلّك بل طالت سياساتها العدائية الأجهزة الأمنية والعدلية، حيث تم تهميش جهاز الأمن والمخابرات الوطني وإضعاف دوره ، وحل هيئة العمليات التابعة للجهاز وإعلان تمردها لتحل مكانها قوات الدعم السريع وتسليم جميع مقار الهيئة بالمركز والولايات للدعم السريع وكانت هذه أول خطوة لإضعاف مؤسسات الدولة وكذلك إضعاف الشرطة، مما أدى ذلك إلى تراجع محسوس في هيبة القانون وانتشار الفوضى.
ولم تقف السياسات عند هذا الحد بل شملت أيضًا المؤسسات الدينية والدعوية ، حيث تم التشكيك في دورها وإضعافها بشكل غير مسبوق .
كانت أمام قحت فرصة ذهبية وتاريخية كبيرة لتحقيق الإجماع الوطني وبناء سودان موحد يقوم على الوحدة والسلام . لكن بدلاً من ذلك، اختارت الطريق الوعر المليء بالانتقام والإقصاء، مما أدى إلى الاصطفاف ضدها من غالبية الشعب بالإضافة إلي تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
مما أدى ذلك الوضع إلى نتائج كارثية، حيث تراجعت ثقة الشعب فيها، وانهارت المؤسسات، وزادت الانقسامات بين مكونات الشعب السوداني.. وفي نهاية المطاف أشعلت الحرب عبر السيناريو الأخير (الإطاري أو الحرب) ووضعت يدها مع المليشيا المتمردة بعد أن مهدت لها الطريق ونصبت قائدها رئيسا للجنة الاقتصادية بالبلاد .
إن ما حدث في فترة حكم ”قحت” يمثل درسًا تاريخيًا بأن سياسات الإقصاء والانتقام لا تبني الأوطان. السودان بحاجة إلى مشروع وطني جامع يضع مصلحة الوطن فوق الجميع، ويعمل على إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس العدالة والقانون.
الشعب السوداني يستحق قيادة تراعي تاريخه، وتحترم مؤسساته، وتسعى لتحقيق تطلعاته دون التفريط في هيبة الدولة أو سيادتها.
وختامًا، أقول: الحمد لله الذي أذهب عنا الأذى، وعافى السودان من هؤلاء الرجرجة، عسي ولعل المرحلة المقبلة تكون بداية لعهد جديد بإذن الله .
“” نواصل “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى