تجمع روابط دارفور بالمملكة المتحدة تقرير مقتضب حول المجزرة في قرية طيبة (كمبو 5) بولاية الجزيرة
متابعات الموكب نيوز

تجمع روابط دارفور بالمملكة المتحدة
تقرير مقتضب حول المجزرة في قرية طيبة (كمبو 5) بولاية الجزيرة
شهدت قرية طيبة، المعروفة أيضًا بـ”كمبو 5”، بولاية الجزيرة مجزرة بشعة راح ضحيتها حتى الآن عدد 14 من المواطنين الأبرياء إضافة إلى عشرات الجرحى، ما أثار استنكارًا واسعًا وغضبًا شعبيًا داخل السودان وخارجه.
في هذا التقرير المقتضب، نستعرض أبرز التفاصيل التي توصلنا إليها من خلال تحقيقات ميدانية واتصالات أُجريت مع سكان القرية ومصادر موثوقة من أرض الواقع، في محاولة لكشف خفايا هذه الجريمة وأبعادها.
بحسب تحقيقات اللجنة القانونية في تجمع روابط دارفور بالمملكة المتحدة، تشير المعلومات إلى أن “أبو عاقلة كيكل”، القائد السابق في مليشيا الدعم السريع، قام سابقًا بتجنيد عدد من أبناء قرية طيبة (كمبو 5) للانضمام إلى صفوف مليشيا الدعم السريع. ومع انحياز كيكل إلى القوات المسلحة السودانية، رفض بعض من المجندون الانصياع لأوامره، وفضّلوا البقاء في صفوف مليشيا الدعم السريع. أدى هذا الرفض إلى تصاعد خلافات داخلية عميقة بين قادة الطرفين، مما أدى إلى حالة من التوتر المستمر في المنطقة.
و نتيجة لهذه الخلافات بين المليشيات تعرض سكان قرية طيبة بأكملها لابتزازات وهجمات متكررة من قبل قوات “درع السودان” والمليشيات المتحالفة معها. ورغم تدخل جهود أهلية في مناسبات عديدة لحل النزاع واحتواء الوضع، إلا أن هذه المحاولات لم تسفر عن حلول مستدامة، حيث استمر استهداف القرية بشكل ممنهج فقط لأن عددًا من أبنائها في صفوف مليشيا الدعم السريع .
عقب استيلاء الجيش على مدينة ود مدني، بلغت هذه الخلافات ذروتها وتحوّلت إلى أعمال انتقامية وحشية استهدفت القرية بأكملها.
هذا التصعيد يعكس النمط المعتاد لعمليات مليشيا الدعم السريع والمجموعات المتحالفة معها، والتي اتسمت بالعنف الممنهج ضد المدنيين، خاصة على أسس عرقية وجهوية .
الهجوم الذي شنّته قوات تابعة لـ”درع السودان” بقيادة كيكل اتسم بطابع جنجويدي بربري. وأفاد شهود عيان بأن الاعتداءات اتبعت النمط ذاته الذي ارتكبته مليشيا الدعم السريع ضد القبائل الأفريقية في دارفور، خاصة في الجنينة عقب مقتل الوالي خميس أبكر. وقد نُفّذ الهجوم على أسس عرقية وجهوية واضحة، مما يشير إلى استمرار السلوك الجنجويدي الذي اتسمت به قوات “درع السودان” منذ نشأتها.
يحمل التقرير مسؤولية المجزرة بشكل مباشر إلى “أبو عاقلة كيكل”، سواء بصفته قائدًا لهذه القوات أو بسبب فشله في كبح جماحها. وإذا كان كيكل قد تخلى فعلاً عن ارتباطه بمليشيا الدعم السريع وسلوكها المليشياوي، فإن عليه اتخاذ خطوات جادة وفورية لتقديم الجناة إلى العدالة. التقاعس عن ذلك يجعله مسؤولاً عن الجريمة.
نطالب الجيش والقوات المشتركة بحماية المدنيين في مناطق سيطرتهم وضبط تحركات قوة درع السودان التي انضمت حديثًا من المجموعات المعروفة بالجنجويد. ونشدد على ضرورة عدم إشراك هذه المجموعات في أي عمليات عسكرية قبل تأهيلها تأهيلاً كاملاً، لأن السماح لها بالمشاركة دون رقابة أو تأهيل يعيد إنتاج نفس الجرائم التي ارتكبت في دارفور سابقًا على أساس العرق واللون، وهو ما لن نقبله بأي حال في أي منطقة من مناطق السودان.
يتابع التجمع بقلق بالغ التحريض العلني الذي تمارسه بعض المجموعات والأفراد الذين يدعون إلى استهداف وقتل وطرد سكان الكنابي. هذا التحريض الواضح والصريح لا يمكن السكوت عنه، ويجب أن يُواجه بحزم من قبل الدولة. نؤكد أن القانون يجب أن يُطبّق على الجميع دون استثناء، وأن التحريض على القتل والعنف جريمة تستوجب مواجهة صارمة وإجراءات رادعة.
إن ما حدث في قرية طيبة يمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان واستمرارًا لممارسات العنف الممنهج التي عانى منها السودان لعقود. يجب اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة لضمان تحقيق العدالة ومنع تكرار مثل هذه الجرائم. إن الصمت أو التهاون تجاه هذه الممارسات يعزز مناخ الإفلات من العقاب ويهدد أمن واستقرار المجتمع.
ما حدث في قرية طيبة بولاية الجزيرة لا يمكن النظر إليه بمعزل عن الحرب الدائرة التي امتدت آثارها إلى كافة أرجاء السودان. هذه الحرب المدمرة أكدت الحاجة المُلحّة لرأب الصدع وإعادة رتق النسيج الاجتماعي في البلاد. ورغم المحن التي يمر بها السودان، إلا أن هذه المرحلة قد تكون الأقرب لتحقيق وحدة حقيقية بين السودانيين، حيث بات واضحًا للجميع أن لا سبيل لإنقاذ الوطن إلا من خلال التكاتف ونبذ الفرقة والخلافات. ولكن لتحقيق هذا الهدف، لا بد من احترام القانون وضمان المساواة بين جميع السودانيين بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية أو الجهوية. العدالة والمساواة هما الأساس الذي يمكن أن تُبنى عليه وحدة وطنية متينة ومستدامة.
يجب أن يتم تسليم أي شخص يثبت تورطه في الانتهاكات في السودان إلى الجهات العدلية والقانونية المختصة لمحاكمته وفقاً القانون . كما نشدد على أن الرد على مثل هذه الجرائم لا يمكن أن يكون عبر الانتقام أو إحداث شرخ في النسيج الاجتماعي، بل من خلال الإجراءات القانونية العادلة.
سوف يضيف التجمع هذه المجزرة إلى قائمة المجازر التي يطالب بتحقيق العدالة بشأنها، سواء داخل السودان أو خاره.
سوف يتابع التجمع عن كثب تطورات الأوضاع الإنسانية في مناطق المواجهات العسكرية في السودان.
اللجنة القانونية/ تجمع روابط دارفور بالمملكة المتحدة
لندن – 2025/01/14



