يوسف محمد الحسن يكتب : احمد آدم بخيت الوزير الذي أعاد للإنسانية هيبتها

تحت السيطرة
يوسف محمد الحسن
أحمد آدم بخيت..الوزير الذي أعاد للإنسانية هيبتها
# بحكم الفترة المهنية التي قضيتها في الدور الإيوائية، صار لدي ارتباط عميق يدفعني دومًا لمتابعة أحوال تلك الشرائح الضعيفة، خاصةً في أزمنة الشدة، حيث ينشغل كل إنسان بنفسه، مما يجعل أولئك الذين ينتظرون نفحات الخير من أبناء الوطن في وضع بالغ الصعوبة
# حينما قرعت طبول الحرب، شعرت بالقلق على أولئك الذين لا يجيدون الفرار، ولا يملكون ترف النجاة
# كنت أراقب بصمت، والخوف يتمدد في داخلي، أترقب خذلانًا مألوفًا كأنني أعيش مشهدًا معادًا…لكن ما حدث كان مفاجئًا حدّ الدهشة
# كان هناك رجل لا يشبه الصورة النمطية للوزير، لم يكن في المؤتمرات، ولا على شاشات الأخبار، بل كان في المكان الذي يحتاجه فيه الناس، إنه وزير التنمية الاجتماعية مولانا أحمد آدم بخيت، الذي لم يكثر من الكلام ولم يبعث لجانًا كما اعتدنا، بل كان هو اللجنة، لم يرفع شعارًا، بل حمل جسده وروحه، ومضى يُشرف بنفسه على إجلاء أولئك الذين لا صوت لهم، خرج معهم وأشرف على تفاصيل إنقاذهم بكل هدوء وتواضع، كأنه أحدهم لا فوقهم
# وفي خضمّ القصف والاضطراب، تواصلت معه ناشطة معروفة بشأن قضية طفلة صغيرة، فتحرّك سريعًا، لم يطلب ملفًا، ولا بروتوكولًا، بل ذهب بنفسه إلى منزلها، اتصل بأهل الطفلة، وبقي هناك حتى التأم الشمل، ثم غادر كما جاء، بصمتٍ يحفظ للإنسانية هيبتها
# ذلك المشهد وحده كافٍ ليذكّرنا أن المناصب قد تُشغل أحيانًا بروح إنسانية، فيتحوّل المكتب إلى ممر نجاة، والكرسي إلى وسادة للضعفاء
# في أوقات الحرب، يصبح التعامل مع الشرائح الاجتماعية أمرًا في غاية الصعوبة، لأن أصواتهم لا تصل، وصرخاتهم تتوه في ضجيج المدافع،
لكن الوزير أحمد آدم بخيت كان في الموعد، لم يجعلهم يحتاجون إلى صوت أصلاً، فقد كان هو الحضور، وكان هو الحس الذي عبّر عنهم
# إنه لطفٌ من الله على تلك الشرائح الضعيفة أن يتواجد في زمن الحرب رجل مثل مولانا أحمد آدم وزيرًا للتنمية الاجتماعية، ولا أدري كيف كان سيكون الحال لو لم يكن موجودًا…ربما فقد البعض آخر خيط من الأمل
# دخل مولانا احمد بخيت الوزارة ممثلًا لحركة العدل والمساواة، لكنه ترك الانتماءات جانبًا، وتوشح بثوب القومية الرحب، ليتحوّل إلى ممثلٍ لحزب عموم أهل السودان حزب الرحمة والعدل واللطف الموشح بقيم السودانيين السمحة
# بطبعي لست من يهتمون بدوائر الوزراء ولست من هواة التصفيق، لكني متابع للشأن الإنساني عن قرب، بل تعوّدت على الانتقاد دومًا، ربما لأن عيوننا أرهقها الإنتظار ولم ترَ ما يستحق الثناء، لكن هذه المرة يمكننا أن نرفع رؤوسنا ونقولها بلا تردد لقد رأينا رجلًا في المكان المناسب يؤدي واجبه بكفاءة قل نظيرها، في زمن يتساقط فيه المسؤولون من ذاكرة الناس كما تتساقط اوراق الشجر في اول الخريف
# فلا خير فينا إن لم نقلها، ولا وفاء إن سكتنا عمّن يستحق
# ومن زرع الأمل في الشرائح الضعيفة، يجب أن يستمر…في حكومة الأمل الرشيقة.!!



