آراء ومقالات

شباب السودان.. قوة الميدان وصنّاع القرار القادم

شباب السودان.. قوة الميدان وصنّاع القرار القادم

شباب السودان.. قوة الميدان وصنّاع القرار القادم

منازل نمر 🖋️

لم يعد شباب السودان مجرّد طاقةٍ مؤقتة تُستدعى عند الأزمات، بل أصبحوا الركيزة الأساسية التي يتكئ عليها الوطن في الميدان والسياسة معًا. فمن دمائهم الزكية وعرقهم المتواصل، صمدت البلاد في وجه العدوان، ومن رؤيتهم المتجددة تنبثق حلول لمستقبل الدولة.

وفي هذا السياق، طرح الأستاذ هشام التجاني فضل، رئيس القوى الشبابية السودانية، مطالب واضحة ومباشرة للحكومة، تتركز حول إشراك الشباب في صناعة القرار عبر:

تعيين وزراء دولة من الشباب
اعتماد مستشارين شباب لكل وزير اتحادي.
تخصيص نصف مقاعد المجلس التشريعي القومي للشباب.
هذه ليست مطالب شكلية، بل تمثل رؤية متكاملة تُخاطب ثلاثة محاور أساسية:
من الناحية السياسية
غياب الشباب عن مراكز القرار طوال العقود الماضية أدى إلى ترهل الأحزاب وتكرار الفشل في الحكم، لأن السياسة السودانية ظلت حبيسة دائرة النخب التقليدية. الشباب اليوم يشكّلون الأغلبية السكانية، وأصواتهم هي الأكثر تأثيرًا في الشارع. إشراكهم في الحكم يعني ضخ دماء جديدة، وتحقيق توازن يقطع الطريق أمام الاستقطاب الحزبي الحاد. كما أن إدماجهم في العملية السياسية يفتح الباب أمام جيل جديد من القادة القادرين على الجمع بين الحكمة والتجديد، ويمنع احتكار القرار من قِبل مجموعات قليلة متصلة بالماضي أكثر من اتصالها بالمستقبل.
. من الناحية الأمنية
الدولة السودانية تواجه تحديات أمنية خطيرة، تبدأ من جبهات القتال وتنتهي بمحاولات الاختراق الداخلي. والشباب هم خط الدفاع الأول في هذه المعركة، إذ إنهم يضحّون في الجبهات ويشكّلون غالبية القوات المقاتلة. إشراكهم في مؤسسات الحكم والأمن يضمن رفع الروح المعنوية وتعزيز الولاء الوطني، ويقطع الطريق على محاولات استغلالهم من جهات معادية. بل إن إدماجهم في القرار يُحوّلهم من مجرد منفذين في الميدان إلى شركاء استراتيجيين في حماية الدولة وصياغة سياساتها الأمنية.
. من الناحية الاجتماعية
السودان بلد شاب، إذ إن ما يقارب ثلثي سكانه من فئة الشباب. هذه الكتلة السكانية الضخمة تمثل قوة إنتاجية وبشرية هائلة، لكن تهميشها خلق فجوة بين الدولة والمجتمع. تمكين الشباب عبر مواقع اتخاذ القرار يعكس صورة عادلة لمجتمع متوازن، ويؤسس لسياسات تعالج قضايا التعليم، البطالة، والهجرة غير النظامية من منظور شبابي حقيقي. كما أن مشاركة الشباب في المجلس التشريعي تعني أن القوانين التي تُسنّ ستكون أكثر ارتباطًا بقضايا الأغلبية، لا محصورة في هموم قلة من النخب.

إن إشراك الشباب ليس منّةً من أحد، بل هو ضرورة لبقاء الدولة. فهؤلاء الذين صمدوا في الميدان قادرون على حمل أمانة السياسة، وهؤلاء الذين قدّموا الشهداء قادرون على تقديم حلول تشريعية وإدارية.

لقد تجاوز الشباب الاصطفافات الحزبية والجهوية، ورفعوا شعارًا واحدًا: “السودان أولًا.” واليوم، الكرة في ملعب القيادة السياسية والأمنية. فإما أن تنصت لصوت المستقبل وتمنح الشباب مكانهم الطبيعي، أو تستمر في إعادة إنتاج أزمات الماضي.

إن شباب السودان الذين أثبتوا أنهم قوة الميدان، يعلنون بوضوح أنهم أيضًا صنّاع القرار القادم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى