وهج الفكرة
الفشل السياسي
🖌️ حذيفة زكريا محمد
يعد الفشل السياسي أحد أهم أسباب الحرب السودانية والمعاناة والموت والنزوح واللجوء، حيث لا يزال الفشل السياسي على العديد من المستويات يهيمن على المشهد، وهو ما يمكن إرجاعه إلى فشل العديد من السياسيين في إدارة الملف السياسي السوداني.
كثيرة هي كتابات المحللين والمفكرين والكتاب والإعلاميين السودانيين التي تحدثت عن أسباب وملابسات هذا الفشل، أغلبها يرجع إلى عوامل موضوعية، تتلخص في العامل الخارجي وتداول القضية السودانية وما خلفته من تبعية لقوى وهياكل خارجية لها أطماع تجاه السودان ومحاور وأجندات دولية ذات مصالح إقليمية ودولية متضاربة على حساب المصالح الوطنية للشعب السوداني ودولته السودانية، بالإضافة إلى عوامل ذاتية تتلخص في انا الذات و انا الجماعة الأيديولوجية ومحاولة كل منهما الحفاظ على المصالح والمكاسب الآنية على حساب نحن الجماعية وعلى حساب المصلحة الوطنية العليا المشتركة وفق توجيهات خارجية تسعى لتفكيك الوطن وتحويل الشعب السوداني إلى شعب نازح ومشرد ولاجئ لكسر العمود الفقري للوطن وتمزيق العمود الفقري للهوية الوطنية السودانية.
كل هذا يعود إلى فشل الساسة في إدارة التعددية الحزبية والحياة السياسية وحيوية التنافس الفكري والتدريب العملي الجماعي لإدارة الخلافات والبناء على القواسم المشتركة والمصالح المشتركة المشروعة لأبناء الشعب الواحد المتنوعين في أديانهم وأعراقهم وتوجهاتهم الفكرية السياسية، وذلك بإقصاء بعض الاتجاهات وتغلغل وتدجين وإخضاع اتجاهات أخرى.
ولعل ما افتقرنا إليه طيلة السنوات الماضية هو العمل الجماعي المنظم فغياب التنظيم بمعناه الواسع هو الذي أدى إلى هذا الفشل السياسي الواضح وساهم في الإعداد الجيد للحرب وأعطى الدول الطامعة في موارد وثروات السودان الفرصة لتمرير أجندتها.
وعلى المستوى الجماعي افتقرت السياسة السودانية إلى التنظيم في العمل الجماعي، سواء على المستوى الداخلي للهياكل والكيانات التي حافظت على شخصياتها، أو في العلاقة بين بعضها البعض وافتقرت إلى آليات إدارة الخلافات، واستمرت في العمل على نحو جعل كل منها يمتلك زمام الحقيقة وعين الصواب، وكل فريق سعيد بما لديه.
لقد حان الوقت، بعد ذلك العقد القاسي، للخروج من ذلك الجهل السياسي، بالانتقال إلى العمل الجماعي المنظم نحو تفكير فردي ثم جماعي يعترف بالاختلاف ويمتلك مهارة وفن إدارته، ويبني على الدولة الوطنية ويسعى لإنتاج لقاء سياسي حقيقي طوعي وصادق ينقل السودان وشعبه من حالة اللادولة إلى دولة ذات حدود واضحة وعدالة وقانون وسيادة يسود فيه القانون والدستور لننتقل من حالة الإحباط والفشل السياسي إلى حصاد تضحيات الشعب السوداني
الاثنين 23 / ديسمبر / 2024م