آراء ومقالات

الاستاذ نجم الدين عبدالله يكتب : زمزم المأساة والصمود في دارفور

زمزم… رمز المأساة والصمود في دارفور

ما يحدث في زمزم لم يكن مفاجئًا، خاصة وأن استهداف المدنيين العزّل أصبح نهجًا ممنهجًا تتبعه مليشيا قوات الدعم السريع منذ سنوات، وآخر فصوله كان في الجنينة، والجزيرة، والخرطوم، وكردفان.
نحن في تجمع روابط دارفور بالمملكة المتحدة، دقينا ناقوس الخطر منذ فترة في كل لقاءاتنا الرسمية مع المسؤولين البريطانيين، والمنظمات الحقوقية والبحثية، لكن لم يعد أحد يسمع صوتنا ، حتى وقعت الكارثة.
وعليه، فإن السكوت عن هذه الفظائع يُعد تواطؤًا ضمنيًا، وترك مئات الآلاف من الأبرياء فريسةً للموت البطيء جوعًا أو قتلًا، هو وصمة عار في جبين المجتمع الدولي لا سيما بريطانيا.
يقع معسكر زمزم جنوب مدينة الفاشر بشمال دارفور، ويُعد من أكبر معسكرات النزوح في السودان، إذ يضم أكثر من نصف مليون نازح، أغلبهم من النساء والأطفال. ومنذ تأسيسه عام 2004، ظل شاهدًا على فصول متكررة من العنف والحرمان، لكن ما يحدث اليوم تجاوز كل حدود المأساة.
منذ اكثر من أسبوع ، كثفت مليشيا الدعم السريع هجمات برية وجوية عنيفة على معسكري زمزم وأبو شوك، وعلى مدينة الفاشر، ما أسفر عن مقتل مئات من مدنيين ، بينهم عشرات من الأطفال ، وتسعة من العاملين في المجال الإنساني، قُتلوا أثناء أداء واجبهم في واحد من آخر المراكز الصحية المتبقية. وقد جرى تصفية الكوادر الطبية، وتوقفت الرعاية للمرضى المصابين بالأمراض المزمنة. لا دواء، لا غذاء، لا مأوى.
المجاعة تضرب المعسكر، والموت يزداد كل يوم. السكان محاصرون بلا ممرات آمنة، تحت القصف، في ظروف لا يتحملها بشر.
الأمم المتحدة مطالَبة بتنفيذ قراراتها، لا سيما القرار 2736، الذي ينص بوضوح على وقف الهجمات ضد المدنيين وضمان إيصال المساعدات الإنسانية. البيانات وحدها لا تكفي، والتقاعس في هذه المرحلة جريمة بحق من تبقى على قيد الحياة.
رسالة إلى القوات المسلحة السودانية والقوات المشتركة وكل من يدعمهم:
ارفعوا الحصار عن الفاشر الآن. ليس غدًا، بل هذه اللحظة. كل دقيقة تأخير تعني أرواحًا تُزهق، وأطفالًا يُدفنون تحت الأنقاض، وعائلات تُباد. إن الدفاع عن الوطن لا يكون بترك المدنيين يموتون جوعًا وقهرًا تحت الحصار. دارفور تناديكم، والفاشر تستغيث.
دارفور يجب أن تعود.
يجب أن تعود إلى حضن الدولة، إلى سيادة القانون، إلى السلام. لا يمكن أن تظل رهينة للميليشيات والعنف والفوضى. من ارتكب الجرائم يجب أن يُحاسب، ومن ساند وغطّى يجب أن يُساءل.
زمزم لم تعد مجرد اسم على خارطة النزوح. زمزم اليوم عنوان للخذلان والصمت القاتل. وإذا لم يتحرك العالم، ولم يتحرك من بيدهم القوة، فسيسجل التاريخ هذا التواطؤ بمدادٍ من دم.
~نجم الدين عبدالله 13ابريل2025لندن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى