معركةٌ من أجل المرآة: إعادة هيكلة السلطة في السودان.
معركةٌ من أجل المرآة: إعادة هيكلة السلطة في السودان.

. معركةٌ من أجل المرآة: إعادة هيكلة السلطة في السودان.
صدى الوطن ..أدم أبكر عيسى.
يشكّلُ صراعُ السلطةِ في السودانِ سِمةً تاريخيةً، مُجسّداً تنازعاً بين من يعتبرونَ أنفسهم ورثةً للسلطة، وبين من ينادونَ بإعادةِ توزيعها على أساسٍ من العدالةِ والإنصاف. ففي الماضي، غابَ الوعيُ المفاهيميّ، ما أدّى إلى استبعادِ شرائحٍ واسعةٍ من المجتمع. أمّا اليوم، فقد نما الوعيُ بشكلٍ كبير، مُغذّىً بنضالٍ طويلٍ، سلميٍّ ومسلّح، من أجلِ انتزاعِ حقوقِ الشعب.
إلّا أنّ أيّ حديثٍ عن الاستقامةِ والعدلِ في توزيعِ الفرصِ بين مكوناتِ الشعبِ السودانيّ ما زال يُصنّفُ ضمنَ المحظورات. يُصبحُ الحديثُ مُباحاً فقط عندما يتعلّقُ الأمرُ بالآخرين، وكأنّهم ليسوا سودانيين، ولا يستحقّون تولّي مناصبَ رئيسِ الدولة، ورئيسِ الأركان، ورئيسِ المخابرات، وغيرها من المناصبِ الحساسةِ التي تُحدّدُ مسارَ القرارِ السياسيّ.
ضرورةِ الانتباهِ إلى الحملاتِ الإعلاميةِ السلبيةِ التي تُروّجُ لصورٍ نمطيةٍ مُشوّهةٍ عن الحركاتِ الكفاح المسلحة والقوي السياسيةِ السودانيةِ، أو عن أيّ قوىٍ تسعى للوصولِ إلى السلطة. فالمطالبةُ بالسلطةِ حقٌّ مشروعٌ للجميع، والسلطةُ أداةٌ أساسيةٌ لخدمةِ الشعبِ وبناءِ مستقبلٍ للأجيالِ القادمة. لذا، يجبُ رفعُ سقفِ المطالبةِ، والعملُ على إحداثِ تغييرٍ جذريٍّ في بنيةِ الدولة.
يتطلّبُ هذا التغييرَ تفكيكَ الهياكلِ القديمةِ للسلطة، وإعادةَ بنائها على أسسٍ من العدلِ والإنصاف، بحيث تُصبحُ مرآةً يعكسُ فيها جميعُ أفرادِ المجتمعِ أنفسهم. فغيابُ هذا التكافؤُ يُلاحَظُ بوضوحٍ في مؤسّساتٍ حيويةٍ مثل بنك السودان المركزي، والقطاعاتُ الخارجية، والشركاتُ الحكومية، وكبارِ الموظفينَ في القصرِ الرئاسيّ، والجيش، والشرطة، ومراكزُ الدراساتِ التابعةِ للدولة. ففي هذه المؤسّسات، يقتصرُ التمثيلُ غالباً على مكونات معلومه للجميع مع محاولاتِ التجميلِ الكاذبة.
في ضوءِ التغييراتِ التي شهدها السودانُ في عام 2019، يُصبحُ من الضروريّ تحقيقُ أهدافِ الثورة، مُستمِرّينَ في النضالِ السلميّ والمسلّحِ من أجلِ تنظيفِ الوطنِ من الأوساخِ والعملاءِ الذين يتحالفونَ معهم للحفاظِ على هياكلِ السلطةِ القديمة. يجبُ تعديلُ النظريةِ القائلةِ إنّ الفقراءَ والمهمّشينَ هم من يُدافعونَ عن الأوطانِ عندَ تعرضها للغزو، بينما يأتي الأغنياءُ وأصحابُ النفوذِ بعدَ التحريرِ لفرضِ حكامٍ بعيدينَ عن الشعب. فأصحابُ القرارِ هم من يدافعونَ عن الوطنِ ويُضحّونَ من أجله.
في النهاية، من يملكُ الحقّ في أن يُقرّرَ مصيرَ الشعبِ السودانيّ؟ إنّ السلطانَ المنتخبَ ديمقراطياً من الشعبِ هو من يملكُ هذا الحقّ. أمّا في المرحلةِ الانتقالية، فإنّ من يدافعونَ عن الوطن، ويُضحّونَ من أجله، هم من يملكونَ الحقّ في وضعِ الإطارِ العام، وذلك من خلالِ التشاورِ مع جميعِ أصحابِ المصلحة. لا يصحّ أن يُضَحّى بأبناءِ الشعبِ السودانيّ من أجلِ مصالحِ العملاء.
https://www.facebook.com/share/p/1C4kbY4gdK/



