بين مطرقة التهجير وسندان الصمت: صرخة سودانية على ضفاف النيل كتب: محمد الأمين عبدالعزيز
بين مطرقة التهجير وسندان الصمت: صرخة سودانية على ضفاف النيل كتب: محمد الأمين عبدالعزيز

بين مطرقة التهجير وسندان الصمت: صرخة سودانية على ضفاف النيل
كتب: محمد الأمين عبدالعزيز
في منعطف خطير وغير مسبوق، تتصاعد معاناة السودانيين في مصر، الذين فروا من أتون الحرب في بلادنا بحثًا عن ملاذ آمن، ليجدوا أنفسهم في مواجهة سياسة ممنهجة من التضييق والملاحقة. لم تعد القضية مجرد تحديات اقتصادية أو صعوبات في التأقلم، بل تحولت إلى حالة من انعدام الأمن والقلق الوجودي، في ظل حملات أمنية مكثفة وعمليات ترحيل قسري، وصلت إلى حد الاختفاء الغامض لأعداد متزايدة من أبناء السودان، أكثرهم أطفال، دون أي توضيح شافٍ من السلطات المصرية أو تحرك ملموس من السفارة السودانية التي يلفها صمت مريب!.
إن ما يتعرض له السودانيون اليوم في مصر؛ يتجاوز الإجراءات القانونية لتنظيم الإقامة. فقد وثّقت شهادات عديدة حملات تفتيش تستهدفهم بشكل خاص، وتؤدي إلى الترحيل الفوري لأدنى مخالفة في الأوراق الثبوتية، بل طالت هذه الإجراءات حتى حاملي “البطاقة الصفراء” الصادرة عن مفوضية شؤون اللاجئين، في انتهاك صارخ لمبدأ “عدم الإعادة القسرية” الذي تكفله القوانين الدولية. والأخطر من ذلك، هو تدخل جهاز “أمن الدولة” بشكل مباشر في عمليات الاعتقال، مما يؤشر إلى وجود قرار سياسي يتجه نحو “تهجير عكسي” قسري، ويتنافى مع أبسط الروابط الإنسانية والتاريخية بين شعبي وادي النيل.
من المؤسف أن تصل العلاقات الاستراتيجية بين مصر والسودان إلى هذا الدرك من التوتر على المستوى الشعبي، فليس من الحكمة ولا من الوفاء أن ينسى النظام المصري كيف فتح السودان، في وسطه وشماله، ذراعيه لاستقبال أضعاف هذا العدد من المصريين إبان حرب الاستنزاف مع إسرائيل، ووفر لهم الأمن والمأوى. إن الذاكرة الحية بين الشعبين أكبر من أن تمحوها سياسات أمنية قصيرة النظر، وإن العمق الاستراتيجي الحقيقي لا يُبنى بالأسوار الأمنية، بل بالقلوب المفتوحة والمعاملة الكريمة التي تحفظ كرامة الإنسان في البلدين.
لذا، فإن الواجب اليوم يقتضي وقفة جادة؛ فعلى النظام المصري مراجعة سياساته فورًا، والكف عن الممارسات التي تزرع الخوف والمرارة في نفوس ضيوفه، والتحقيق بشفافية في حوادث الاختفاء ومحاسبة المتورطين. وعلى أجهزة الدولة السودانية، من حكومة وسفارة، أن تخرج من صمتها وتنهض بمسؤوليتها في حماية مواطنيها بكل السبل المتاحة. كما أن الشعب السوداني بكل مكوناته مدعوٌ للوقوف صفًا واحدًا مع أهلنا السودانيون في مصر، ورفع الصوت عاليًا لدعمهم وفضح ما يتعرضون له من ظلم، فالجرح الذي ينزف على ضفاف النيل في القاهرة، هو جرح في قلب كل سوداني حُر وشريف.
#فك_حصار_الفاشر
#اطلقوا_سراح_المصباح
#كلنا_المصباح



