الاستاذ نجم الدين عبدالله يكتب : تزوير الحقائق في البرلمان البريطاني: كيف تحاول مليشيا الدعم السريع التلاعب بالرأي العام
لندن متابعات الموكب نيوز

تزوير الحقائق في البرلمان البريطاني: كيف تحاول مليشيا الدعم السريع التلاعب بالرأي العام؟
في خطوة مثيرة للجدل، استضاف مركز دراسات تركيا ندوَتين داخل البرلمان البريطاني حول السودان، وذلك في 15 و25 فبراير 2025. ورغم أن هذه الفعاليات كانت في ظاهرها مناقشات أكاديمية حول فرص السلام في السودان، إلا أن بعض عناصر مليشيا الدعم السريع حاولوا استغلال الحدث لنشر معلومات مضللة عن الوضع السياسي في السودان، مما أثار ردود فعل واسعة.
محاولة استغلال البرلمان البريطاني لترويج ادعاءات كاذبة
تؤكد المتابعات أن عناصر تابعة لمليشيا الدعم السريع كانت حاضرة دون صفة رسمية، واستغلوا وجودهم داخل البرلمان للتصوير والترويج لروايات غير صحيحة، مدّعين أن البرلمان البريطاني “بارك ووافق” على تشكيل حكومة سودانية جديدة تضم هذه المليشيا.
هذا الادعاء لا أساس له من الصحة، إذ أن الاعتراف بالحكومات هو اختصاص حصري لوزارة الخارجية البريطانية، وليس البرلمان. كما أن القوانين البريطانية والدولية تؤكد أن التعامل مع أي حكومة جديدة يكون وفق معايير محددة تتعلق بقدرتها الفعلية على فرض سلطتها وإدارة الدولة.
الإطار القانوني للاعتراف بالحكومات في بريطانيا
وفقًا للقوانين البريطانية والدبلوماسية المعتمدة، فإن الاعتراف بالحكومات يخضع لمجموعة من الضوابط، من أهمها:
1. صلاحيات التاج الملكي في السياسة الخارجية:
• لا يتم الاعتراف بالحكومات من قبل البرلمان البريطاني، بل عبر وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية البريطانية (FCDO)، وهي الجهة المختصة بذلك.
• لا يتطلب الاعتراف أي قانون برلماني، بل هو جزء من السلطات التنفيذية للحكومة البريطانية.
2. مذكرة وزارة الخارجية البريطانية لعام 1980:
• تبنت بريطانيا سياسة عدم الاعتراف الرسمي بالحكومات، وبدلًا من ذلك، تركز على التعامل مع الحكومات وفقًا للواقع السياسي.
• هذا يعني أن بريطانيا قد تتعامل مع حكومة معينة دون إصدار إعلان رسمي بالاعتراف بها.
3. التزامات بريطانيا بالقانون الدولي:
• رغم عدم وجود قانون داخلي محدد ينظم الاعتراف بالحكومات فإن بريطانيا تلتزم بمبادئ القانون الدولي، ومنها اتفاقية مونتيفيديو (1933)، التي تحدد معايير الدولة، ومن بينها أن يكون للحكومة سيطرة فعلية على أراضيها.
بناءً على ذلك، فإن الادعاءات التي روج لها بعض أفراد الدعم السريع بشأن اعتراف البرلمان البريطاني بحكومة جديدة تضمهم، هي محض تضليل ولا تمت للحقيقة بصلة.
رد الفعل البريطاني والتحقيقات الجارية
بعد المتابعة والتواصل مع عدد من أعضاء البرلمان ومجلس اللوردات، تبين أن الجهات المختصة بدأت تحقيقًا في كيفية دخول بعض عناصر الدعم السريع إلى هذه الفعالية، ومحاولتهم استغلالها للترويج لخطاب سياسي مضلل.
إن محاولة التلاعب بالرأي العام عبر فعاليات أكاديمية داخل البرلمان البريطاني تُعد تجاوزًا خطيرًا للأعراف الدبلوماسية، وقد تؤدي إلى إجراءات قانونية ضد من استغلوا هذه المنصة لنشر معلومات كاذبة.
موقف الضحايا: لا إفلات من العدالة
باعتبارنا ضحايا لانتهاكات مليشيا الدعم السريع في السودان، فإننا نؤكد استمرارنا في ملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية، وكشف محاولاتهم للحصول على شرعية زائفة من خلال التلاعب بالمنصات الدولية.
نطالب الحكومة البريطانية بما يلي:
• إصدار بيان رسمي يوضح حقيقة ما حدث خلال هذه الفعاليات.
• فتح تحقيق موسع في كيفية دخول عناصر الدعم السريع لهذه الفعاليات واستغلالها لأغراض سياسية.
• ضمان عدم السماح مستقبلاً لأي جهة متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان باستخدام البرلمان البريطاني كمنصة لتزييف الحقائق.
الخلاصة
إن السلام في السودان لا يمكن تحقيقه عبر منح الشرعية لمليشيات مسلحة متورطة في جرائم حرب، بل عبر محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم وضمان العدالة للضحايا. كما أن محاولات التلاعب بالرأي العام البريطاني والدولي عبر استغلال فعاليات أكاديمية لن تغير من الواقع القانوني والدبلوماسي، ولن تضفي أي شرعية على منتهكي حقوق الإنسان.
نجم الدين عبدالله-لندن
التاريخ: 27 فبراير 2025